• ١٩ تموز/يوليو ٢٠٢٤ | ١٢ محرم ١٤٤٦ هـ
البلاغ

استراتيجية أميركا: احتلال القرن الحادي والعشرين

د. محمد رمضان الأغا

استراتيجية أميركا: احتلال القرن الحادي والعشرين

إنّ فترات عدم الاستقرار في تاريخ العالم والأمم والشعوب هي فترات مواتية ومناسبة جدا، بل وفاتحة للشهية لإجراء التغيرات السياسية والجيوسياسية التي تخدم اللاعبين المتعددين كلّ حسب أهدافه ورؤاه الاستراتيجية؛ والمنطقة حالياً في لحظة تغير جيواستراتيجي وجيوسياسي معا؛ يزيد أحكام الغرب والصهاينة عليها ما لم يفهم اللاعبون المحليون (أهل المنطقة) الأبعاد الخطيرة التي يخطط لها الصهاينة والغرب في المنطقة، وقد نجح الصهاينة في استعداء أوروبا والأنظمة العربية على الإسلام السياسي؛ واشعال حرب حامية الوطيس على جبهات ومستويات عديدة لإرهاق الأمة وتفتيتها، كما نجح اليهود في خلق بيئة أوروبية وأقليمية معقدة ومتناقضة تصب نتيجة تقاطعاتها في مصلحتهم.

إنّ النجاح في المهمة أعلاه يحفز الصهاينة على فتح جبهة جديدة في أوروبا؛ خصوصاً في وقت تتنامى فيه تيارات أوروبية عنصرية معادية بشدة للعرب والمسلمين، وبالتالي ينبغي الحذر الشديد من مغبة السماح للصهاينة بالنجاح في هدفهم؛ وهذه يجب أن تكون مهمة مشتركة بين عقلاء وحكماء الغرب والمسلمين في الغرب والشرق معا.

لقد بلغت قلوب اليهود حناجرهم مع الثورات العربية خوفاً من المارد القادم الذي يجتاح المنطقة؛ الأمر الذي جعل مطابخهم الاستراتيجية تعمل في اتجاهين: الأول نحو إعادة إنتاج أو تدوير البيئة الاستراتيجية إلى ما كانت عليه قبل الثورات؛ والثاني نحو خلق بيئة استراتيجية جديدة وكانت حسابات تكلفتها المالية والاستراتيجية عالية جدا؛ وتم تفضيل الاتجاه الأول لكونه أقل تكلفة من نواح عديدة؛ وتمثل بالثورات المضادة التي تهدف إلى ضرب ابناء الشعب الواحد في بعضهم البعض؛  لكن ما زالت شهية اللاعبين الدوليين والأقليميين خصوصاً أميركا وحلفاءها في المنطقة مفتوحة لتحقيق هدف واحد وهو احتلال المنطقة والهيمنة عليها لقرن قادم من الزمان؛  وسط بيئة يسودها عدم الاستقرار من خلال العمل على مزيد من التفتيت والتفكيك للهياكل السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية القائمة؛ من أجل إعادة بلورتها واستبدالها بما يخدم المصلحة الغربية.

بالرغم من الخطط التي ترسم ضد المنطقة من قبل الصهيونية والغرب معا؛ نستطيع القول مهما بلغت قوة الصهيونية واللاعبين الخارجيين؛ فإنّ التاريخ يعلمنا أنّ اللاعب المحلي هو الأقوى دائما؛ وأنّ الغرباء هم حتماً إلى خروج من سبل متعددة؛ لكن حكمة التاريخ هذه لا ينبغي أن نتركها تعمل بانفراد؛ فالتاريخ لا يصنع الأمم ؛ بل الأمم الواعية هي التي تصنعه وتمكن له؛ خصوصاً في اللحظات المطاطية التي يسهل فيها تشكيل عجينة التاريخ؛ وهي فترات عدم الاستقرار التي يصر اللاعبون على زج المنطقة في أزمات ومشاكل متتالية خلال ثلاث أو خمس سنوات مقبلة على أدنى تقدير.

ارسال التعليق

Top